كنت معهم أشاركهم أفراحهم و يشاركوني أحزاني كنا سوياً نتبع راعي واحد..نعم إنه أعظم
و أطيب راعي..كل يوم أسمع صوته فأعرفه فأستيقظ فرحاً كي ما يأخذنا معه إلي مراعيه الغنية يمشي أمامنا فنتبعه بفرح..كنا نجتمع سويا فيطعمنا و يروي كل القطيع من حنانه. كم كان رقيقاً كم كانت لمساته حانية إذا وجدني وحيداً..يري جراحي فيتأوه لآلامي و يضمدها ..يوماَ حافلاً بالحب والحنان و الحماية و الأمان ثم نعود معه و خطاه تتبعنا و بعصاه يلامسنا فنطمئن من وجوده معنا و حمايته لنا ولا يتركنا إلاإذا اطمئن علي سلامتنا
و في يوم ما أشرق بنور وجهه و أدفئ قلوبنا بصوته العذب فخرجت أنا و باقي القطيع مشيت خلفه و لكن ببطء شديد هذه المرة..هلل مللت قطيعي و راعيّ ؟ ..أم كنت منهك و متعب ؟
لا لم يكن هذا ولا ذاك إنما لمع أمام عينيّ مرعي آخر باهر ساحر لي فتوقفت خطواتي المسرعة و شردت عيناي الثابتة للحظات. أدركت وقتها أني أبعد عن راعيّ و قطيعي..نعم أري الراعي من بعيد بعينيّ إنما قلبي وفكري مع آخر ..و ها الآن أري ظلالهم...اشتهت عيني مكان آخر رأته جذاباً فذهبت إليه
كنت أمرح و أركض فيه.كنت أجلس تحت ظلال الشمس التي كانت تداعب البحيرة التي بجواري و حينما داهمني الليل و ظلامه تسرب إلي قلبي و ملّت عيني السعادة الزائفة أدركت أني وحيد.....ما هذا ؟ لقد تركت راعيّ أنيس وحدتي..يا لغباوتي أترك من يحبني و يقدم لي الفرح و
الشبع الدائم و استبدلتهم ببهجة وقتية و وحدة دائمة .يا ليتني أعود إليه..يجب أن أعود إليه. لذا قررت الرجوع فجريت لأبحث بين أستار الليل المرعب عن قطيعي. و لأنها كانت أرض متحجرة علي من فيها جرحتني بأشواكها و نزفت رجليّ ..فأكملت طريقي نازفاً دمائي وبينما كنت أبحث هنا و هناك عن راعيّ المحب سمعت أصوات ذئاب من بعيد خافتة..تزداد قليلا..نعم تزداد وتزداد إلي
أن رن صوتها في أذني فراودني الهلع و جريت بأقصى سرعة أدوس علي أشواك طريقي
فتؤلمني.ولا أستطيع التوقف فذئاب مرعايّ الذي اخترته تطاردني ، فأصبحت تائهاً هارباً الشر يلاحقني و ألم الأشواك يحاصرني...و بعدما تلاشي صوت الذئاب و أدركت أنني تمكنت من الهرب منهم كان صوت اليأس و الإحباط قد شقا نفسي..
نعم لا مفر..أُهرقت دمائي ، ووحيد بين وحوش مفترسة لذا جلست بجوار صخرة محجرة أنتظر الموت المحتوم
و أغمضت عيني و تذكرت راعيّ كم كان يحنو علي جراحي ..و الآن أنا وحيد
ثم سمعت صوتاً ليس بغريب عليّ..نعم إنه صوته..أنا أعرفه جيداً إنه راعيّ الحنون..إنه يناديني أراه يبحث عني و يتلفت يميناً و يساراً ، أري عيناه تجولان في كل مكان بكل شوق و حنين ، ففرحت جداً و انهار يأس قلبي و اكتملت تلك الفرحة حينما رأيته أمامي..يا لها من لحظة حينما نظرت إليه فوجدت عيناه تحدثني و تخبرني باشتياق قلبه و خوفه الشديد عليّ ، و محبته الرائعة و عتابه الرقيق لي فوجدتني أبكي شاكياً آلام بعدي عنه و خوفي ذئاب الحياة بدون حمايته ، ومرارة و يأس قلب بعيد عن قلبه..بكيت بقلب مهموم و نفس مكلومة و عين مكسورة.و بحنان قلب لم
يتركني كثيراً علي حالي بل رفعني علي منكبيه و بيده الرقيقة مسح دموعي و بحنان قلبه ضمد جراحي و مشي علي أشواك طريقي و نقلني من ظلمة ليلي الحالك إلي نهاره الحالم و حوّل موتي إلي حياة .لذا تعلمت أن أتبعه و لا أتركه بعدما أدركت تماماً أنني لا أستطيع العيش بدونه و بدون حبه ..
أتبعك و أسير إثر خطاك في حماك و رضاك ..راعي حياتي يا من أحييت نفسي ..نفسي لك و لن تكون لغيرك..فقوّي الإرادة والروح عضدها كي ما أعيش لخالقها و مالكها . آمين