نحن هنا في موقع على الانترنت ، هذا الموقع له ترتيب بشري و هذا الترتيب لابد أن يحفظ النظام العام للموقع و لابد ان يخضع له كل من أراد طواعية أن يخدم به . لكن هل يعني الخضوع في هذه الحالة ضعف؟
بالطبع لا فالضعف ينتج عن خضوع في غير محله المناسب. فلو أن ادارة الموقع أعطت تعليمات واجبة الالتزام من أعضاءها فهناك طريقين لا ثالث لهما للأعضاء الحاليين . اما الخضوع الناتج عن المحبة و الثقة و ادراك الهدف منه و هذا امر رائع ، و اما الاعتذار للإدارة عن إمكانية تنفيذ تلك التعليمات بالتالي محاولة الوصول للوسطية أو المغادرة في محبة و سلام لكن حينما تُرفع
الأصوات بكلمة (لا) مصحوبة بالتمرد و العصيان فهذا لا يندرج تحت اطار الحرية الالهية الممنوحة من الله بل يندرج تحت بند محاربة الترتيب البشري الموضوع من أجل الرب (بحسب رؤية الترتيب البشري ) و الذي قبلته حينما قبلت الدخول في هذا الموقع أساسا
و بالتالي نصير متمردين على الترتيب البشري و متمردين على شخص الرب نفسه وقتئذٍ. من الناحية الأخري
حينما نتكلم عن القائمين بالترتيب البشري لهم الحق أن يوجهوا دفة الموقع لكن ليس لهم الحق أن يقودوا ارادة الآخرين لأنهم ان فعلوا هكذا فإنهم بهذه الطريقة تحولوا من مسئولين عن ترتيب بشري معين الى قائدين و بذلك خرجوا عن مهمتهم الأصلية و خرجوا عن فكر الله
و في الحقيقة فالفاصل بين شعور القائمين على الترتيب و شعور القائد المتسلط هو شعيرة رقيقة جداً.
· لُب المشكلة ..
من هذا المثل البسيط نتعلم شيء هام و هو ان إحلال مبدأ القيادة و التحكم في حرية الآخرين أو التسلط على رغبات و ارادة البعض أو التأثير عليهم محل فكر الترتيب البشري و مسئوليته يؤدي في النهاية الى شكل من أشكال القيادة التي لا يرغب الله في وجودها في كنيسته
و يؤدي بدوره الى الاصطدام بين الفئتين :
* فئة القائد الذي يريد أن يتكلم فيطاع في كل شيء و كلمته و توجهه لا يراجعان و لا يناقشان و بالتالي يدخل في دائرة التسلط و التحكم في ارادة الآخرين
* فئة المقتادين الذين أصبح لديهم تمرد أو خنوع و كلاهما مصيبتين.
لذلك أكرر ،، لا يخبرنا الوحي بأن الرب لديه فكر أنه ترك في الكنيسة قادة بمعني التحكم في ارادة الآخرين ، بل ترك نعمة مسئولية الترتيب البشري من أجل الحفاظ على النظام و طلب منا الخضوع له أيضاً
· الفرق بين القائد و الراعي:
كثيرا ما شبه الرب يسوع كنيسته بالخراف و انه راعي الخراف العظيم لأنه بالفعل
يتكلم الى خرافه و هي تسمع بدروها صوته فتتبعه (راجع يو27:10) . الراعي الصالح لم يكن فقط قائداً لأن القائد لا يمكن ان يبذل نفسه لأجل الخراف ابداً
القائد دائماَ مشغول بنفسه و بخططه و إمكانياته و ان كان لديه طاقة محدودة من المحبة لا يمكن أن ترقي الى البذل لأجل الآخر أبداً لأنه قائد
بينما الراعي الصالح يبذل ذاته لأجل الخراف.لأن محبته فائقة حينما فكر في مصير أولاده لم يبخل بان بذل نفسه لأجلهم .و هذا ما يميز الراعي الصالح و ما يجعل الخراف تسمع صوته فتتبعه بسبب ثقتها الكاملة فيه و في محبته
· عن القادة و علاقة الناس بهم:
ان شعور الانسان بان هناك من يريد أن يقود حياته رغماً عنه و يتسلط بطريقة أو أخري على رغبته أمر غير مستحب أبداً لأنه يخلق شعوراً مضاد لطبيعة الانسان التي خلقه بها الله و هي طبيعة الحرية الكاملة في اتخاذ كافة القرارات حتى ان الرب نفسه لا يفرض ذاته على الآخرين بل قال و بكل صراحة "ان سمع احد صوتي وفتح الباب" رؤ20:3 أي أن العلاقة مع الرب تبتديء بقرار شخصي لا فرض فيه أبداً
فكيف اذا يتجريء انسان أن يتحرش بارادة انسان آخر و يسلبه ارادته؟؟
ان الله خلق الانسان حراً حرية كاملة غير منقوصة فكيف نصنع نحن كوابل بيننا و بين بعضنا؟؟ لذلك يكره الناس القادة بشكل عام لأنهم يشعرون أنهم يتحرشون بارادتهم و يسلبونهم الحرية الشخصية الموهوبة لهم بالفطرة لكن لكي نفهم أن القائد هذا يتحرك بشكل سليم أم لا لابد أن نلاحظ طريقته في عرض ما لديه على الآخرين فإن كان شخصاً أميناً سوف لا يتحرش بإرادتك بل سيترك لك الحرية كاملة في اتخاذ القرار دون أدني محاولة للحث على القبول أو الرفض منه تجاهك
اما اذا حاول أن لبس ثوب من الإقناع أو محاولة تملك رغبتك تحقيقاً لمصلحة ما تحت أي شعار ولو حتى روحي .. فاعلم أنه غير أمين و يريد ان يقرر عنك او يقرر لك أو يقرر بك أي أنك ستكون في النهاية آلة و لم تعد بعد كياناً له كل الحرية الموهوبة له من الله
· مرض القيادة :
هناك أناس مرضي بمرض القيادة يحبون أن يكونوا في الناس قادة و يحبون أن يلبسوا ثوب القائد ليس فقط طمعاً في المجد المحصود من القيادة لكن إشباعا لرغبة دفينة في ملء فراغ النفس الذي يعيشونه فقال العوسج للأشجار ان كنتم بالحق تمسحونني عليكم ملكا فتعالوا واحتموا تحت ظلي.والا فتخرج نار من العوسج وتأكل ارز لبنان " قض15:9
لماذا تخرج نار من العوسج لتحرق الاشجار؟؟ لأنه عوسج لصيق الأرض طيلة حياته لم يرتفع و لم يختبر الارتفاع فظل ملصقاً بالأرض حتى أتت اللحظة المناسبة ليروي ظمأ نفسه حينما دعته الأشجار لأن يملك عليها .. فكان من الطبيعي ان يقبل الدعوة او يرفضها دون أذية لأحد ! لكن تلك هي النقطة الفاصلة و هي انه يعاني و سيظل يعاني و سيعبر عن معاناته رغماً عن الجميع
حتي و لو اضطر لأذي أعز الناس !
هكذا تري من يتكلم بصيغة انه القائد لا انه الراعي المحب
. يتكلم بصيغة الأمر او النهي أو التداهن للآخرين محاولة منه كسب ثقتهم فيه و كسبهم في جولة من جولاته الا .. و لسوف تخرج منه ناراً آكلة تلتهمهم جميعاً
مكتوب "حجة الشرير اكملت فالحجة والقضاء يمسكانك.عند غضبه لعله يقودك بصفقة.فكثرة الفدية لاتفكك." اي18:36
هي في الأول و الآخر صفقة قيادة الآخر ليس الا..
** ثوداس و يهوذا الجليلي :
هما شخصان كتب عليهما في أعمال الرسل 5 : 40، 37 ارتبطا ذكرهما بانقياد الناس اليهما و ارتبطا اسميهما ايضاً بضياع الكثيرين و تشتيتهم و تلك نتيجة طبيعية لاتباع القيادة البشرية التامة دون الرجوع لفكر الله
لذلـك:
عليك ان تميز عزيزي القاريء من يريد اقتيادك و اقتياد رغباتك دون ان يعطيك أنت الفرصة كاملة لتختبر انت إرادة الله الكاملة في حياتك و تعرف مرضاته الي اين تقودك
و ثق تماماً أنك لست بحاجة لأن تُقاد رغباتك و قراراتك من أحد لا سيما القرارات المصيرية لا تدع أحد يدفعك أو يشحنك في اتجاه ما
· المشورة السليمة لتساعد لا لتتخذ موقفاً بديلاً:
واذ نحن نعرف أن هناك احتياج لإتخاذ الآراء من من هم أكثر خبرة و دراية و لديهم من البصارة الروحية ما قد يساعدنا ، فالمشورة هي أمر رائع ان عملت في محلها الصحيح ، و مؤداها أن تفسح لك الطريق من كافة الاشغالات التي تعوقك عن الرؤية السليمة و مساعدتك على تخطي العقبات التي تواجهك ، لكنها أبداً لا تتخذ لك قراراً القرارات المصيرية لا تتخذ إلا من مخدعك و من علاقتك بأبوك الذي في الخفاء
· من له حق قيادة حياتك ، و امتيازك أنه يقودك؟
في الحقيقة فشخص الرب هو له الحق كل الحق أن يقودك قيادة كاملة لأنه اشتراك بدمه الثمين فلا يليق أن تكون فيما بعد طائعاً لرغباتك و ارادتك الشخصية ، و لأن الرب يعرف جيداً كيف يقود حياتك في كل النواحي لا عن احراجك و الضغط على ارادتك أو التأثير على ارادتك بنوع من سلب حريتك بل يعلن فيك مشيئته الصالحة المرضية ليقودك نحو الارتفاع لا الانحطاط و يقودك بملء نعمته لأنه يحبك محبة أبدية
مكتوب:
"وايضايقودك من وجه الضيق الى رحب لا حصر فيه ويملأمؤونة مائدتك دهنا. " أي 16:36
ويقودك الرب على الدوام ويشبع في الجدوب نفسك وينشطعظامك فتصير كجنة ريا وكنبع مياه لا تنقطع مياهه " ا اش 58 : 11
الاخ وسام سعيد