محبة
عدد المساهمات : 6 تاريخ التسجيل : 19/04/2011
| موضوع: الرب قادم الى مصر .. منظور آخر للنبوة الجمعة سبتمبر 09, 2011 10:33 am | |
| إن نبوة إشعياء النبي التي وردت في سفره والتي عنوانها: "وحي من جهة مصر" (إش 19)، تعرضت للكثير من التفسيرات والتأويلات، كلما واجهت مصر أحداثاً، حتى أن البعض حمل هذا النص تفسيرات أكثر مما يحتمل، بحيث يخدم هذه الأحداث التي تمر بها مصر. وجاءت ثورة (ميدان التحرير) أو ما أطلق عليها (ثورة الشباب)، والتي بدأت فى الخامس والعشرين من يناير 2011 واستمرت لمدة ثمانيةعشر يوماً وما حفلت بها من أحداث متلاحقة ثائرة أو مرعبة أو محزنة أدت فى نهايتها إلى سقوط نظام الرئيس مبارك، مما دفع الكثيرين إلى الرجوع إلى نبوة (إش 19) وإعادة قراءتها وتفسيرها. ومن الجدير بالقول أن النبوة دائماً ما يكون تحقيقها ذا بعدين، أحدهما قريب المدى والآخر بعيد المدى، من جهة المدى القريب أى الوقتي (فهذه النبوة تحققت فعلاً بعد نبوة إشعياء بثلاث سنين أى حوالي سنة 722ق . م تقريباً)، أما من جهة المدى البعيد (أى أنها تتعلق بالتحقيق المستقبلي المرتبط بمجيء المسيا). وفي هذه المقالة لا أبغي تقديم تفسير للنبوة، ولكني قرأت النص في (إش 19) وتابعت الأحداث التي تمر بها مصرنا الغالية، وقلت كم نحن في حاجة في هذه الظروف أن نستمع إلى القول الإلهي الآن: "الرب قادم إلى مصر" ليعرف حكماء مصر: "ماذا قضى به رب الجنود على مصر"!! فمن الخلفية التاريخية للأصحاح نفهم أن مصر كانت قوة عسكرية لا يستهان بها في ذلك الزمان، مما جعلها حارساً قوياً ومدافعاً صلداً عمن يلجأ إليها من الشعوب المحيطة. ومثال ذلك ما حدث مع شعب إسرائيل في المملكة الجنوبية (مملكة يهوذا) آنذاك حينما لجأت إلى مصر طلباً للحماية ضد العدوان الآشوري عليها. إلا أن الرب لم يرض بهذا، وقد كان الرب يأمل أن شعبه (يهوذا) يعتمد عليه اعتماداً كاملاً فهو رب الجنود الذي دافع عنه دائماً ضدالأعداء. لذلك جاءت نبوة إشعياء تحمل لنا- نحن- ثلاثة أمور هامة يريدها الله منا في هذه الظروف ونحن نتأمل الأحداث الجارية بجانب النص الكتابي فى (إش 19) وهى: (1) أن نضع اتكالنا على الرب لا على أى قوة أخرى حتى لو كانت مصر، فلقد التمسنا المعونة من الحكومة والقيادة آملين في قوة من الشرطة تحمينا فإذا بها ترعبنا وتقتلنا، وكنا نأمل فى قوانين ودساتير تسترنا وتعيد حقوق المواطن فإذا هي تخترق وتحول لتخدم من لهم مصالح عليا، وكنا نأمل في نظام تعليمي متقدم ينقلنا إلى مصاف الدول المتقدمة، ويجعل من أبنائنا علماء المستقبل، فإذا به ينشر بينهم الجهل الثقافي والمبادئ اللاأخلاقية، فلا تعليم ولا تربية!! ثم أملنا في نظام إداري يقود إلى تحسين الأجور والدخول وتوفير حياة اقتصادية كريمة لأبناء الوطن، فإذ بركبنا ترتعش وعقولنا تتوه من هول الفساد المستشري وكم المليارات لدى مصاصي دماء الشعب المقهور. قلنا لنضع ثقتنا في مؤسسات الدولة المختلفة آملين فى نقابات وتأمينات تحمينا وتدافع عن حقوقنا، وتأمين صحي نتمتع فيه برعاية صحية مشرفة وغير مهينة، ووسائل مواصلات مريحة وآدمية، فإذا بنا نرى العاملين فى كل هذه الهيئات يصرخون: "أنجدونا.. أغيثونا.. نحن مطحونون ومظلومون ومقهورون"!! وهكذا كلما وضعنا ثقتنا في أمر نجده ينهار، وتنكسر عكاكيز البشر، فقلت: "ما أحلى أن نلتمس معونتنا منك يا الله" (2) أن نتعلم أن نلتمس الحكمة من الله، لقد عرف المصريون بالحكمة، فهم بناة الأهرام التي تعد من أهم عجائب الدنيا، وهم أيضاً الذين ابتدعوا التحنيط الذى لم يستطع العالم حتى اليوم أن يصل إلى عمق سره، كما أن الكتاب المقدس يذكر عن موسى النبي أنه "تهذب بكل حكمة المصريين" (أع 7: 22)، ولكن مما يثير الدهشة أننا عندما نقرأ عن حكمة المصريين فى هذا النص موضوع تأملنا أي (إش 19) نجده يقول: ".. حكماء مشيري فرعون مشورتهم بهيمية.." وتسأل أين حكماء مصر؟ أين مشيري فرعون؟ فهم أغبياء- حسب النص- ضلوا وضللوا، خدعوا وانخدعوا، فالشرفاء ضللوا القبائل. لذلك سادت الفوضى والضلال والتخبط والحيرة والارتباك والارتعاد في البلاد والعباد، وليس من يقدم مشورة أمينة، فقد عجزت حكمتهم وبادت مشورتهم لذلك قلت: "ما أحلى أن نلتمس الحكمة منك يا الله" (3) أن نتعلم أن نلتمس شفاء الله، إن مصر آنذاك كانت تعبد الأوثان، فعبدوا (الثور والشمس والأفاعي والجعران... إلخ) فقد تركوا الخالق وعبدوا المخلوق، وامتلأت قلوبهم بالكبرياء لشعورهم أنهم يملكون السلطة والثروة، والنفوذ والجاه، وجاءت المفاسد وحلت المظالم والرعدة لأن "يد الرب هزت مصر" (إش 19: 16)، "وترنح الناس كالسكارى في قيئهم" (إش 19: 14). ولكن كانت مقاصد الله عظيمة لمصر والمصريين إذ يقول الكتاب: "ويضرب الرب مصر ضارباً فشافياً، فيرجعون إلى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم" (إش 19: 22). إن حاجتنا اليوم فى مصر أن يأتي الرب، ونوجه قلوبنا نحوه، ونرجع إليه بكل قلوبنا، ونتوب عن خطايانا، ونفهم أن قضاءه وضرباته لنا هدفها رجوعنا إليه، وعندئذ يعود فيرحمنا ومن ثم يشفينا، ونعود إليه ونطلبه فيستجيب لنا، ونصرخ إليه من مضايقينا فيرسل مخلصاً ومحامياً لينقذنا (إش 19 : 20)، ويمد يده الكريمة لشفاء قلوبنا روحياً، ويشفي نفوسنا من آثار الظلم والقهر، ويشفى أفكارنا من المخاوف والقلاقل التى تركت آثارها وبصماتها القاسية علينا، لنطلب الرب ليأتي إلى بلادنا وإلى مؤسساتنا وإلى بيوتنا وإلى مدننا وقرانا بسلامه الذى يحفظ قلوبنا، وحينئذ نقول: "ما أحلى أن نلتمس الشفاء منك يا الله" التمسنا المعونة من الحكومة والقيادة آملين في قوة من الشرطة تحمينا فإذا بها ترعبنا وتقتلنا، وكنا نأمل فى قوانين ودساتير تسترنا وتعيد حقوق المواطن فإذا هي تخترق وتحول لتخدم من لهم مصالح عليا.
بقلم القس / بشرى سعد منقول من مجلة الطريق والحق
| |
|